وصلتنى رسالة موثقة من دكتور أليشع بدارى، مدير مستشفى إيزيس بالإسكندرية، الرسالة تفتح ملفاً مرعباً عن ضياع مستقبل الأبناء نتيجة عناد وتعنت أحد الزوجين، وكأن هؤلاء الأبناء ملكية خاصة أو عبيد أجراء عند الأم أو الأب، وتفتح ملفاً آخر عن عدم تنفيذ أحكام الرؤية التى يتعذب بسببها أب مكلوم أو أم معذبة، وسأترك الدكتور أليشع يحكى التفاصيل بنفسه.

يقول د. أليشع: «عندى ثلاثة أطفال نادر وكريستيان وجوزيف، فوجئت بأن زوجتى تركت منزل الزوجية ومعها أطفالى الثلاثة منذ شهر أبريل ٢٠٠٦، ومنعتنى من رؤيتهم منذ ذلك الحين برغم أنه قد صدر لصالحى أحكام من القضاء تمكننى من رؤية أولادى ولم تقم زوجتى بالتنفيذ، والأخطر من ذلك أن أولادى منذ تركهم منزلى وهم محبوسون فى منزل والدة زوجتى حبساً مطلقاً ولا يسمح لهم بالنزول إلى الشارع ولا أيضاً النزول إلى المدارس ولا الذهاب لامتحانات نهاية العام، مما أدى إلى رسوبهم، علماً بأن نادر وجوزيف بمدارس سان جبرييل بالإسكندرية وكريستيان بكلية نوتردام، وفى كل هذه السنوات أنا أقوم بسداد جميع المصروفات المدرسية ورسوم أتوبيس المدرسة وثمن الزى المدرسى، إلا أنها لم تمتثل وضربت بمصلحة الأولاد عرض الحائط، ولقد تدخل الكثير من رجال الدين والأقارب والمجتمع المدنى بالإسكندرية لحل تلك المشكلة إلا أن مستقبل أولادى مهدد بالانهيار، وقد تقدمت بشكوى للسفيرة مشيرة خطاب، ولم أتلق رداً».

القصة مأساوية ويحدث مثلها الآف الحالات فى مصر، ولا حياة لمن تنادى، ودائماً نحن ننتقد الغرب فى مسألة أن المجتمع يتدخل بأنفه فى علاقة الأب والأم بالأطفال، فمثلاً عندما يسىء الأب معاملة الطفل ويضربه ضرباً مبرحاً فى أمريكا من الممكن أن يتولى المجتمع تربية هذا الطفل وعقاب أبيه الذى يجهل كيف يربيه، لأنه ليس أسيراً عند هذا الأب، نحن ننتقد لأننا نعتبر أبناءنا ملكاً شخصياً وحقل تجارب لعقدنا النفسية، فتجد أماً تصفع ابنها الذى لم يتعد الثلاث سنوات بالقلم فى وسط الشارع ثم يمصمص المارة شفاههم قائلين: «معلش سيبوها تربيه»!!!،

وتجد أباً يجلد ابنه بالكرباج أو يربطه فى السرير أو يكويه بالنار تحت شعار علشان يبطل قلة أدب!!، وهذه حاله صريحة من تخريب مستقبل أطفال لايحرك المجتمع ساكناً تجاهها وتجاه آلاف الحالات المشابهة، من حق الأم أن ترفض سلوكيات زوجها، ومن حق الأب أن يرفض تصرفات زوجته، من حقهما الانفصال ولكن ليس من حق أحدهما تخريب وتدمير هذه البراعم الصغيرة والزهور التى فى طور التفتح لا تفقه ما هو السر وراء هذه الخلافات.

أبناؤنا أمانة لدينا وليسوا عبيداً لدينا، أبناؤنا ليسوا أسرى حرب أو غنائم معركة حربية أو حيوانات فى قطيع نرعاه، هم بنى آدمين.. بشر... أحرار، ليس معنى أنه خرج من رحم الأم أن تستعبده أو تعتقله، وليس معنى أنه إفراز السائل المنوى للأب أن يتعامل معه وكأنه حذاء قديم من الممكن ترقيعه ومن الممكن أيضاً إلقاؤه فى صفيحة القمامة تحت دعوى ابنى وأنا حر فيه!!.